سلسلة الندوات الأربعينية لعام 1446هـ (1404ش) بعنوان: «الأسس الروحية والأبعاد العرفانية لمسيرة الأربعين»

نظمت معاونية العلاقات الدولية في الحوزات العلمية في إيران، بالتعاون مع عدد من المؤسسات الحوزوية، بتنظيم سلسلة ندوات علمية دولية تحت عنوان «الأربعين والحضارة الحسينية» خلال أيام الأربعين لعام 1446هـ (1404ش). وفي هذا الإطار، انعقدت ندوة بعنوان «الأسس الروحية والأبعاد العرفانية لمسيرة الأربعين» قدّمها الدكتور محمد فنايي أشكوري، الأستاذ الجامعي (الأستاذ الكامل) ورئيس قسم الفلسفة في معهد الإمام الخميني (قده). ويُقدَّم فيما يلي النص الكامل لهذه الندوة

.مسير الأربعين، أحد أكبر وأندر الأحداث الإنسانية في التاريخ المعاصر، حيث يشارك فيه أحيانًا أكثر من 20 مليون من الشيعة ومحبي الإمام الحسين (ع) من جنسيات مختلفة. هذا المسير يُعد رمزًا للحب والتضحية والتضامن والروحانية، وقد بقي حياً ومليئًا بالحماس في القرن الحادي والعشرين في مواجهة العالم المادي والعلماني. ومع ذلك، فإن وسائل الإعلام الكبرى في العالم، وخاصة الغربية وبعض الوسائل العربية، تتعمّد تجاهل هذا الحدث العظيم أو تغطيته بشكل محدود جدًا، بينما تعكس الأحداث الأصغر والأقل أهمية بشكل مبالغ فيه.

أسباب تجاهل وسائل الإعلام العالمية لمسير الأربعين

تتأثر وسائل الإعلام الغربية غالبًا بسياسات معادية للإسلام ومصالح القوى الاستكبارية، وتركز كل طاقتها على خلق صورة عنيفة ومرعبة وغير متحضرة عن المسلمين. لا يحبون إظهار مسير الأربعين، لأنه يقدم صورة مختلفة وإيجابية تمامًا عن الإسلام: ملايين البشر الذين يخلقون ملحمة رائعة بحب وحماس وتضامن أخوي وسلوك إنساني فريد بدافع روحي وسعي للعدالة.

هذا المسير يمثل إحياءً للدين والروحانية، وخاصة دين ضد الظلم والاستكبار، دين يسعى للتغيير والعدالة – شيء لا يتحمله العالم العلماني والمادي ويخشاه من الانتشار.

في الأربعين، يتجلى السلوك الإنساني للشيعة بوضوح: ضيافة فريدة، تضحية في الخدمة، ومآدب تمتد لأكثر من 20 يومًا لملايين الزوار، دون دعم حكومي أو شركات كبيرة، بل من قبل الناس العاديين والفقراء والمتوسطين. هذا يعكس القيم الإنسانية العليا مثل الحب والمودة والأخوة والتضامن، التي لا تريد وسائل الإعلام الاستكبارية أن يعرفها العالم، لأنها تقوض حملاتها السلبية ضد المسلمين.

الأربعين رمز لقوة عظيمة؛ تضامن ملايين الناس من جنسيات مختلفة، رجالًا ونساءً، يمكن أن يكون مصدر تحولات كبيرة في العالم. وسائل الإعلام الغربية لا ترغب في الاعتراف بهذه القوة أو إظهارها، لأنها قد تجذب قلوبًا كثيرة نحو الإسلام والتشيع وتفشل رواياتهم المعادية للإسلام.

سبب آخر هو طابع الحدث السلمي؛ الإعلام غالبًا يفضل العنف والصراعات، لأن “السلام لا يصنع أخبارًا جذابة”، بينما الأربعين هو أكبر تجمع سلمي في العالم.

بالنسبة للإعلام في الدول العربية والإسلامية، بالإضافة إلى تبعيتهم للقوى الغربية والمصالح المشتركة في معاداة الإسلام، يلعب التحيز الطائفي والعرقي دورًا كبيرًا في هذا الصمت الإعلامي حول الأربعين. هذه الوسائل تشارك في المقاطعة الإعلامية لمنع انتشار النفوذ الثقافي والروحي للتشيع. هذا تجاهل متعمد لمنع العالم من الاقتراب من الإسلام الحقيقي والحفاظ على السردية السلبية.

ضرورة الجهاد الإعلامي لأهل الحق لنشر هذا الحدث

في مواجهة هذا الصمت والمقاطعة، واجب الإنسان الحقِّي هو أن يصبح هو نفسه إعلامًا. لا يمكننا انتظار وسائل الإعلام الكبرى، بل يجب أن نشرح فلسفة الأربعين بقدر ما نستطيع:
أن هذا المسير يذكّر بثورة الإمام الحسين (ع) ضد الظلم، وأن أسسه العدالة والحرية ومكافحة الاستكبار والسعي للسلام، وأن نتائجه تشمل تعزيز تضامن الأمة الإسلامية، وإحياء القيم الإنسانية، وإحداث تحولات روحية وعدلية في العالم. الميزات الفريدة مثل الضيافة المجانية، الأمن الطوعي، وتنوع الجنسيات، وجمالياته مثل الحماس والحب والتضحية، يجب أن تُعرض للعالم.

هذا العمل الإعلامي ضروري لأنه:

  • مواجهة الإسلاموفوبيا: نشر الأربعين يظهر صورة الإسلام الحقيقية ويقوض الدعاية السلبية.
  • جذب القلوب: ملايين الناس قد ينضمون إلى صفوف الساعين للحق والعدالة عند مشاهدة هذا الحدث، ما قد يكون مصدر تحولات إيجابية في العالم.
  • حفظ إرث الإمام الحسين (ع): الأربعين وسيلة إعلامية قوية للتشيع، وعلينا تعميمها عالميًا، خاصة على المستوى الدولي وبمختلف اللغات.
  • إظهار القوة الناعمة: عبر وسائل التواصل الاجتماعي، الأفلام، الصور والمقالات، يمكننا إظهار هذه القوة العظيمة والاستفادة منها للعدالة العالمية.

كل شخص عليه واجب حسب قدرته: من نشر المشاركات على وسائل التواصل الاجتماعي إلى إنتاج المحتوى، الترجمة والنشر خارج الحدود.

علينا أن نُظهر جماليات الأربعين للعالم لنشهد تحولات مليئة بالأمل في العالم.

أليس الصبح بقريب؟

نوشته های مرتبط

منشورات ذات صلة

Related posts

Leave a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Scroll to Top