في حوار خاص مع وکاله انباء تقریب هامش المؤتمر الدولي التاسع والثلاثين للوحدة الاسلامية، لفت الشيخ الخطيب الذي حل ضيفا على هذا المؤتمر، لفت الى ان الهدف من ما يسمى بـ” اتفاقيات السلام” التي ابرمت مع الكيان الصهيوني، مثل كامب ديفيد، أوسلو، ووادي عربة، هو توجيه العرب نحو الاستسلام للعدو، وإنهاء شيء اسمه “القضية الفلسطينية”.
واضاف هذا العالم الاسلامي البارز في لبنان، انه بفضل الثورة الاسلامية بدأت المقاومة سواء في لبنان أو في فلسطين بعمليات بطولية، وأنتجت طبعًا انتصارًا عظيمًا غير مسبوق كسرت هيبة العدو الإسرائيلي وحررت الجنوب اللبناني.
وتابع : لقد عاود الكيان الغاصب في عام 2006، هجماته على لبنان واستعادة قسم من الجنوب، لكن تصدت له المقاومة، واستطاعت أن تفشل أهدافه، وبقيت الحدود اللبنانية الشمالية، يعني مع فلسطين، حدود فلسطين الشمالية مع لبنان، طوال 17 عامًا هادئة، لم يستطع العدو ولم يتجرأ أن يعتدي على لبنان، فكانت هذه المقاومة هي التي افشلت مخطط “الإسرائيليين” في إنهاء القضية الفلسطينية، أو في تحقيق مشروعهم للسيطرة على كل المنطقة، وليس على جنوب لبنان، ولا على فلسطين فقط.
واوضح فضيلته، ان “هذا الفشل أحدث صدمة لدى العدو الإسرائيلي، إلى أن حدث طوفان الأقصى في السابع من تشرين الأول / اكتوبر 2023، والحرب المساندة التي شنتها المقاومة اللبنانية على مدى سنتين لاشغال جبهة الشمال، حيث شن العدو الصهيوني هجومه الشامل على لبنان، وأصيبت المقاومة بقادتها”.
وفي معرض الانتقال من هذه المقدمة الى اصوات الغرب وبعض القادة العرب والمسلمين التي ضُمت الى صوت الكيان الصهيوني لتجريد المقاومة اللبنانية وتحديدا حزب الله من سلاحه، اوضح الشيخ الخطيب : الآن يريد العدو الصهيوني أن يستكمل ما بدأه، وقد كان في حساباته أن المقاومة سوف تنهار باستشهاد قادتها، ولكن هذا الذي لم يحصل، فالمقاومة بقيت ثابتة موجودة.
وتابع : هو الآن يضغط في اطار محاولاته بالسياسة وبالإعلام أن يأخذ فيها ما لم يستطع أخذه بالحرب العسكرية.
وتطرق، في السياق ذاته، الى حرب الاثني عشر يوما التي شنها الكيان الصهيوني قبل اشهر على الجمهورية الإسلامية الإيرانية؛ عازيا السبب الرئيسي الى مواقف “ايران الثورة” الداعمة للقضية الفلسطينية باعتبارها “رأس محور المقاومة”.
واوضح : ان الكيان الصهيوني شن هذا العدوان بنفس الأسلوب الذي انتهجه في حربه الاخيرة على لبنان، وذلك من خلال قتل القادة العسكريين والعلماء النووييين في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ليتسنى له أن يغير النظام، على الأقل في إيران، ولكن هذا لم يحصل، وتلقى العدو الإسرائيلي صفعة قوية، حيث طلب وقف إطلاق النار، ودُمّر ما دُمّر في تل أبيب وفي حيفا، حتى أن الإسرائيليين بعضهم كان يقول أن “المناطق التي ضُربت كأننا نحن في غزة، من كثرة الدمار وشدة القصف الذي حدث”.
ومضى نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى في لبنان الى القول : لهذا، يعمد العدو الإسرائيلي الآن وبعد فشله في الحرب العسكرية، ضد المقاومة، سواء في ايران او لبنان او في غزة، حيث انه ما زالت المقاومة الفلسطينية تتصدى له داخل القطاع، لذلك يعمد الى تجريد المقاومة من السلاح الذي يشكل الركيزة الأساسية في صمود المنطقة، وفي إفشال مشروعه على حساب الدول الاقليمية؛ واصفا هذه المرحلة بانها “حساسة جدًا ومهمة ومصيرية، وسينتج عن فشل العدو الإسرائيلي فيها تطورات كبيرة جدًا بإذن الله تعالى”.
وفي جانب من هذا الحوار، اشار الشيخ الخطيب الى ذكرى اسبوع الوحدة الاسلامية (12 الى 17 ربيع الاول 1447 للهجرة – ذكرى مولد النبي الاكرم صلى الله عليه واله وسلم حب روايات اهل السنة والشيعة)، وانعقاد المؤتمر الدولي التاسع والثلاثين للوحدة الاسلامية برعاية المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب في ايران، قائلا : اننا نستفيد من نهج النبي (ص) لمواجهة الظلم والجور، وقد كانت في المؤتمر كلمات اثارت نقاطا مهمة في مقاومة العدو.
وحول الآليات الكفيلة بتحقيق اهداف وتعاليم الرسول الاكرم (ص) على ارض الواقع، نوه بان اقامة مؤتمرات الوحدة الاسلامية باستضافة ايران سنويا، هي واحدة من الوسائل التي تجمع المسلمين جميعًا من كل المذاهب ومن كل الدول، في سياق الوصول إلى الأهداف التي ذكرناها.
واوضح الخطيب، انه من خلال هذه الملتقيات التي تجمع المسلمين علماء ومفكرين ونشطاء وسياسيين بمختلف مذاهبهم، سيتاح فهم طبيعة الصراع مع العدو الإسرائيلي؛ مؤكدا بان معظم الحروب التي آلت الى هزيمة العرب ضد الكيان الصهيوني، كانت بسبب عدم فهم الانظمة العربية مفهوم هذا الصراع من انه صراع حضاري، وأن المقصود من الغرب هو ضرب الإسلام ورسالة هذا الدين.
واردف : ما طرحناه في اجتماعات مؤتمر الوحدة التاسع والثلاثين ، هو التركيز على أن الحرب مع العدو وراعيته الولايات المتحدة الأمريكية والغرب، هي حرب حضارية، يُراد منها محو الإسلام، ولم تسبقها الحرب العسكرية، بل سبقتها حرب ثقافية إعلامية، والمقصود منها استبدال الحضارة الإسلامية بالحضارة الغربية، يعني استسلام كامل، وإخراج الإسلام أصلًا من حياة المسلمين، لأن قوتهم في هذه الرسالة؛ مبينا ان “هذا لب الموضوع، وحينما يفهم المسلمون أن هذه الحرب طبيعتها هي طبيعة حضارية، إذا ينبغي أن تختلف طبيعة السلام”.
وتابع قائلا : حينما يدرك المسلمون طبيعة هذه الحرب، إذا يجب أن يُعدّوا لها العدة المناسبة؛ لافتا الى ان الثورة الإسلامية التي انتصرت في ايران بقيادة الإمام الخميني قدس الله سره، بدأت تأخذ هذه الأبعاد، ومن هنا نجحت المقاومة في جنوب لبنان، ليس بالاعتماد على موازين القوى، وإنما اعتمدت على وعد الله سبحانه وتعالى : [وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ].
وراى هذا العالم الاسلامي اللبناني، بان اهم الاسباب وراء الهزائم التي تكبدتها الدول العربية والاسلامية امام عدوها المشترك، يعود الى اعتمادها موازين الغرب، والمعايير المادية، وتعويلها على السلاح الذي لم يكن حتى من إنتاجها، وإنما هو مرهون بيد القوى الكبرى.
واضاف : اليوم الجمهورية الإسلامية الإيرانية تنتج أسلحتها محليا، وتعتمد على نفسها في كل شيء؛ ايران تتمتع بدولة اقتصادية كاملة استطاعت من خلالها اجتياز 47 سنة من الحصار الإعلامي والاقتصادي والمالي، ومحاولات إيجاد شرخ في بيئتها، خصوصًا في الحرب الأخيرة التي أبدع فيها الإيرانيون.
ولفت الشيخ الخطيب الى، ان الشعب والمسؤولون والجيش والحرس الثوري في ايران، ابدعوا في استخدامهم للصواريخ الدقيقة، وفي إخضاع العدو الصهيو – امريكي، واجباره على استجداء وقف اطلاق النار؛ مبينا ان السبب وراء كل ذلك هو، “لأن الجمهورية الإسلامية الإيرانية وصلت إلى امتلاك هذه القوة والتكنولوجيا بقدراتها الذاتية، ولم تكن مرتهنة لا للغرب ولا للشرق حتى يؤثر على النتائج”.
وتابع : لذلك تحقق إفشال المشروع الأمريكي في ضرب الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وبالتالي في ضرب المقاومة ايضا؛ مؤكدا بان “المقاومة باقية، وإن شاء الله ستحقق آمال الشعوب العربية والإسلامية”.
وردا على سؤال “تنـا” حول “التحديات التي تعترض مسار العالم الإسلامي اليوم، بالأخص الحرب القائمة على غزة، وسبب سكوت بعض الانظمة الاسلامية والعربية، ودور العلماء المسلمين في معالجة هذه المعضلة”، عبر رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى في لبنان عن اسفه، قائلا : إن هذا هو الواقع العربي المزري، حيث أن كل دولة تحسب حسابات، وكل نظام يحسب حساباته الخاصة، لأنهم لا يمتلكون هذه الرؤية، بأنهم يخضون حربا حضارية مع الغرب؛ مبينا ان العدو ركز في اطار هذه الحرب على تشويه حقيقة القضية الفلسطينية، وروّج على الصعيد العالمي بان “الفلسطينيين هم الذين بدأوا طوفان الأقصى وهذه الحرب، ولذلك يتحملون المسؤولية وأن إيران تسعى من خلال دعم حماس الى توسيع نفوذها في المنطقة”.
واردف الخطيب : ان هذا الفهم الخاطئ أوصلنا إلى النتيجة التي نحن فيها اليوم، حيث ان العرب والمسلمون يتفرجون، والحرب المذهبية والفتنة التي حصلت، سواء في العراق أو في سوريا، أخذت الأمور باتجاه آخر حصيلته تقويض القوى والعزيمة في العالم الاسلامي، حتى يتسنى للعدو الصهيوني والغربي أن يحقق مشروعه.
وحذر العالم الاسلامي البارز في لبنان بالقول : ان العدو الإسرائيلي كشف عن مشروعه بشكل واضح وسافر، هو يريد تحقيق “إسرائيل الكبرى” من الفرات إلى النيل، وبذلك هو يهدد لبنان، وسوريا، والعراق، ويهدد السعودية، واليمن، وإيران، المنطقة كلها؛ متطلعا الى انه “بعد هذا الانفضاح للعدو الإسرائيلي ولأهدافه الحقيقية، يكون هناك تغيير في سياسة العرب والمسلمين”.
وتابع : هذا ما طرحناه، ليس في مؤتمرات الوحدة الاسلامية فقط، بأن يكون هناك تعاون بين المسلمين وبين انظمتهم، وخصوصًا بين الدول المؤثرة مثل الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وتركيا، والسعودية، ومصر، والعراق، من اجل الانتقال الى وضع جديد ورسم سياسة ستراتيجية تدفع الأخطار عن بلادهم جميعًا.
ختاما، اكد رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى في لبنان : ان الفلسطينيون لا يقاتلون عن أنفسهم فقط، بل يقاتلون عن جميع المسلمين، وكما ذكرت، هذه الحرب هي حرب حضارية ضد العالم الاسلامي برمته، لذلك يتعين على الدول الإسلامية، ان يكون تفاعلها خيرًا لتحسين العلاقات فيما بينها؛ وان يفضي الامر إلى ستراتيجية شاملة تصون بلاد العرب والمسلمين، وتحفظ ثرواتهم وأعراضهم، وتضمن لهم مستقبلا واعدا، يسود فيه الإسلام بعيدا عن كل التجاذبات المذهبية والطائفية، فذلك هو رمز قوتنا جميعًا.