فی هذه الندوة، اعتبر حجة الإسلام والمسلمین الدکتور فتح الله نجّارزادگان، عضو هیئة إدارة الجمعیة العلمیة للإمامة فی الحوزة، استناداً إلى الآية ۲۳ من سورة الشوری: «قُل لا أَسئَلُکُم عَلَیهِ أَجرًا إِلّا المَوَدَّةَ فِی القُربى»، أن هذه الآية تمثل فلسفة الأربعین وأساس الحضارة الدینیة، وأکّد أن الأربعین برمز مودّة أهل البیت علیهالسلام یمتلك سعة عظیمة لإعادة بناء الحضارة الإسلامیة.
وقد حدّد ثلاثة أركان للحضارة: العدالة، والحکمة، والتضامن، موضحاً أن الحضارات العلمانیة تفسّر هذه الأركان على أساس القومیة والانتماء للوطن، وهو ما يعتبره القرآن مضراً لأنها منفصلة عن الإیمان والعمل الصالح. أما الحضارة الدینیة فتبنی هذه الأركان وفق التعالیم السماویة: العدالة باعتبار أن الله قائم بالقسط، والحکمة في العبودیة ومعرفة مقام المخلوق وربّه، والتضامن على أساس المحبة لله وللرسول ولأهل البیت، التي تتجاوز الأرض والقبائل، فهي جذوریة، نورانیة وإلهیة.
ورأى الدکتور نجّارزادگان أن مسیرة الأربعین تمثل تجسیداً عملیّاً لهذه المودّة، مضیفاً أن هذه الحركة قادرة على أن تكون حضارةسازة بشرط التعرف على إمکانیاتها، وشرحها وتعزیزها، إذ أن المحبة لأهل البیت أحد أعمدة الحضارة الإسلامیة الرئیسیة.
وأشار فی تفسیر آية المودّة إلى ثلاثة آراء:
۱. «قربى» تعني أقارب النبي ودعم القبيلة (وقد رُفض هذا التفسير لأنه لا یتوافق مع سیاق الآية وسیرة الأنبیاء الآخرين).
۲. نسخ الآية (وقد رُفض لأنه ثبت في الروایات المعتبرة عند شیعة وسنة، مثل حدیث الثقلین).
۳. «قربى» تعني أهل البیت الخاصین بالنبي: علی، فاطمة، حسن، حسین والمعصومون، وهذا ما تؤکده الروایات المتواترة عند شیعة وسنة، حدیث الثقلین، حدیث السفینة، آية التطهیر والمباهلة.
وأشار إلى أن لا أحد من أقارب النبي أو زوجاته ادّعى شمول هذه الآية، في حین أن الإمام حسن، والإمام علي وسائر المعصومین أکّدوا ذلك. أهل البیت هم ثقل القرآن، سفینة نوح، وطاهرون من کل رجس، ومحبتهم حسنة یزاد الله فیها.
وختم الدکتور نجّارزادگان بالتأکید على أن مسیرة الأربعین نحو سید الشهداء وأهل البیت تمثل تجسیداً لمودّة القربى وتضامن الأمّة الإسلامیة، وأن هذه الآية تمتلك إمکانیة حضارةسازی، بشرط تجاوز التعصبات وشرحها بصورة صحيحة فی الحوار مع الإخوة من أهل السنة.












