حاخام يهودي: إسرائيل مشروع سياسي والصهيونية أيديولوجيا قومية بلا دين

وجه الحاخام اليهودي ديفيد فيلدمان، المنتمي إلى منظمة “نيتوري كارتا” المناهضة للصهيونية، رسالة مباشرة إلى الشباب اليهودي داخل الاحتلال الإسرائيلي، دعاهم فيها إلى الهروب من الدولة العبرية، مشدداً على وجود فارق جوهري بين اليهودية والصهيونية، وأن الحل يكمن في إنهاء الاحتلال، والسماح بعودة اللاجئين، وأن يعيش اليهود تحت حكم الفلسطينيين والمسلمين كما كانوا دوماً.

يرى الحاخام اليهودي في حوار صحفي، أن ما يتعرض له الفلسطينيون ليس مجرد انتهاك للقانون الدولي أو لحقوق الإنسان، بل “جرائم محرّمة في صميم التعاليم اليهودية نفسها”، مؤكداً أن القتل والسرقة واضطهاد شعب بأكمله تتناقض جذرياً مع الدين اليهودي، ولا سيما حين تُرتكب في فلسطين.

“إسرائيل لا تمثل اليهودية”
ويقول فيلدمان، إن الفلسطينيين “احترموا اليهود وكانوا حماة لهم لفترات طويلة”، قبل أن تدخل الصهيونية إلى فلسطين في عشرينيات القرن الماضي، معتبراً أن ما يجري اليوم هو “خطأ أخلاقي وديني”، وأن معارضة هذه الجرائم لا تعني العداء لليهود أو الوقوع في معاداة السامية، كما تحاول الدعاية الصهيونية تصويره.

ويرفض فيلدمان الادعاء بأن دولة الاحتلال تمثل يهود العالم، مؤكداً أن “إسرائيل لا تمثل جميع اليهود، ولا تمثل الديانة اليهودية”، مشيراً إلى أن أعداداً كبيرة من اليهود حول العالم تعارض الجرائم المرتكبة بحق الفلسطينيين، وأن اليهودية نفسها ترفضها.

ويضيف أن أصحاب الضمائر الحية مطالبون برفع أصواتهم “في ظل عامين من الإبادة الجماعية المستمرة”، معتبراً أن الصمت إزاء ما يحدث “مشاركة أخلاقية في الجريمة”.

وعن تأثير ما ترتكبه إسرائيل على اليهود، يوضح فيلدمان أن تجويع الأطفال حتى الموت وقتل المدنيين لا يزال مستمراً، وأن ذلك لا يهدد الفلسطينيين فقط، بل يعرض اليهود في العالم للكراهية والخطر، لأن هذه الجرائم تُرتكب باسمهم.
ويحمّل الصهيونية ودولة الاحتلال مسؤولية تعريض اليهود للخطر، ليس فقط بسبب الجرائم بحق الفلسطينيين، بل بسبب الإصرار على نسب هذه الجرائم إلى المجتمع اليهودي بأسره.

الاحتلال ومعركة الوعي
ويشدد فيلدمان على ضرورة التمييز بين اليهودية والصهيونية، موضحاً أن اليهودية “ديانة فقط، قائمة على الإيمان بالله والعمل بالوصايا، بلا سياسة ولا قومية ولا جرائم”، بينما الصهيونية “حركة سياسية أسسها أشخاص غير ملتزمين باليهودية، ويستخدمون الدين الذي لا يؤمنون به لتبرير أفعال محرّمة في هذا الدين”.

وحول كيفية مواجهة الصهيونية، يقول فيلدمان إن المواجهة الأساسية هي “معركة وعي وتعليم”، لافتاً إلى أن الإعلام السائد يحجب عن الناس المعلومات الأساسية اللازمة لفهم الواقع واتخاذ مواقف أخلاقية.

ويضيف: “نحن هنا للتثقيف ونشر الوعي، وشرح موقف اليهودية مما يجري، ومساعدة الناس على تجاوز الدعاية الصهيونية، وإدراك أن الوقوف مع العدل لا يعني معاداة السامية”.

ويربط فيلدمان بين هذا الموقف الديني وما يجري داخل إسرائيل، خصوصاً ما يتعلق برفض اليهود المتدينين الخدمة في الجيش، موضحاً أن هؤلاء “لا يؤمنون بدولة إسرائيل ويرفضون المشاركة في الجرائم”، لكنهم يُصنّفون مجرمين تلقائياً عند بلوغهم سن السابعة عشرة.

ويشير إلى حالات فرار من إسرائيل، مؤكداً أن كثيرين لا يستطيعون مغادرة البلاد لأنهم يواجهون الاعتقال فور وصولهم إلى المطار. وحول المواجهة المستمرة في غزة، يؤكد فيلدمان أن ما يحدث “لم يبدأ اليوم، ولا قبل عامين، ولا حتى مع الحصار، بل يعود إلى البدايات الأولى للصهيونية، قبل نحو مئة عام”، محذراً من أن هذه الحلقة ستستمر ما لم يُعالج “السبب الجذري، وهو الاحتلال”.

دولة فلسطينية.. حماية لليهود
ويوجه فيلدمان رسالة مباشرة إلى الإسرائيليين، داعياً إياهم إلى “الاستيقاظ وإدراك أن الوعود الصهيونية بالأمان والحماية والوطن كانت خاطئة منذ البداية”، وأن استمرار هذا النظام لا يخدم أحداً، بل يعرّض الجميع للخطر. ويذهب إلى أبعد من ذلك، إذ يشجع اليهود على مغادرة إسرائيل، قائلاً إن “حياتهم، ووضعهم الروحي، ويهوديتهم نفسها في خطر”، داعياً إلى التخلي عن الصهيونية والعودة إلى ما قبل نشأتها.

ويرفض فيلدمان مبدأ حل الدولتين بصيغته الحالية، موضحاً أنه يوافق فقط على إعادة الأراضي للفلسطينيين، لكنه يرفض بقاء أي كيان صهيوني، معتبراً أن ذلك “لا يحقق العدالة”. ويؤكد أن الحل يكمن في إنهاء الاحتلال الصهيوني بالكامل، وإعادة الحقوق لأصحابها، والسماح بعودة اللاجئين، وترك الخيار للفلسطينيين لاختيار حكومتهم.

وعن شكل الحكم المستقبلي، يرى فيلدمان أن التجربة التاريخية أثبتت فشل “الدولة اليهودية”، بينما أثبت الحكم الفلسطيني، بما في ذلك الحكم الإسلامي، قدرته على حماية اليهود واحترام ديانتهم.

ويختم بالقول إن دعم إسرائيل، سواء من بعض الحكومات العربية أو من الولايات المتحدة، هو “دعم أعمى” وتمرد أخلاقي وديني، داعياً السياسيين إلى تجاوز الدعاية الصهيونية وإعادة النظر في علاقاتهم مع إسرائيل “دفاعاً عن الإنسانية”.

نوشته های مرتبط

منشورات ذات صلة

Related posts

Leave a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Scroll to Top