الشيخ البياتي: وحدة الغاية والعقيدة والتشريع سبيل عزّة الأمة الإسلامية

في ظل التحديات التي تواجه الأمة الإسلامية اليوم، شدّد الناطق الرسمي، مدير المكتب العلمي للدراسات والبحوث بدار الإفتاء العراقية، الشيخ عامر البياتي، على أن "وحدة الغاية والعقيدة والقيادة والتشريع هي السبيل إلى عزّة الأمة وقوتها، وسرّ اجتماع المسلمين تحت راية واحدة".

جاء ذلك في حوار مع الشيخ البياتي، حيث تناول أبرز معاني الوحدة الإسلامية، ووصايا الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، وأهمية الاعتصام بحبل الله في مواجهة التحديات والانقسامات التي باتت من هواجس الامة في الوقت الحاضر.

وفيما يلي نص التصريحات التي ادلى بها هذا المسؤول بدار الافتاء العراقية :-

الأسس الجامعة للأمة الإسلامية
الحمد لله حمداً كثيراً كما أمر، وأشكره وهو الكثير بزيادة لمن شكر، وأصلي وأسلم على سيدنا محمد سيد الخلائق والبشر، وعلى آله وصحبه السادة الأنجاب الغرر ما اتصلت عين بنظر ووعت أذن بخبر، أما بعد..

أحبتي الأكارم، إن الأمة الإسلامية تملك أسساً مشتركة تستطيع بها أن تجمع شتاتها وتوحد كلمتها، فهي أمة واحدة ذات دين واحد وكتاب واحد ورسول واحد، وهذه هي الأصول والركائز التي تشترك فيها الأمة الإسلامية. فإذا ما أدركت جيداً والتزمت بمقتضياتها، فإن ذلك يجعل منها أمة واحدة تلتقي على :-
1- وحدة الغاية
2- وحدة العقيدة
3- وحدة القيادة
4- وحدة التشريع

وبهذا تصبح الشعوب الإسلامية أمة واحدة تذوب فيها جميع الأجناس والمجتمعات، شعارها قول الباري عز وجل: [إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ]، فتحقق الامة الاسلامية عزتها وقوتها المنشودة.

وحدة الغاية
إن لهذا الإنسان الذي يعيش على ظهر هذه الأرض غاية يؤديها أثناء وجوده، فإذا عرفها وتمثلها في حياته سعد في دنياه وآخرته، وإذا جهلها أو أعرض عنها فإنه يشقى في الدنيا والآخرة.

هذه الغاية حددها الله عز وجل بنفسه، وبينها في كتابه ومن اجلها خلق الانسان الا وهي عبادة الله تعالى، كما قال سبحانه : [وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ].

وحدة العقيدة
إن التفرق الذي ابتُليت به الأمة في عقيدتها لا يمكن أن يكون معه اجتماع للامة ولا تعاون. ولذلك لا بد أولاً من علاج ذلك التفرق برد الملحدين والزنادقة إلى الله عز وجل، وتصحيح عقائد المنحرفين لتتوحد القلوب وتأتلف النفوس.

وأما الذين ابتُلوا بمرض الإلحاد والزندقة فقد كان ذلك في غيبة من الوعي الإسلامي، وفي وقت الانبهار بالحضارة الغربية التي تمردت على الدين وحملت لواء الحرب ضد الإسلام والمسلمين.

واليوم وقد بدأ المسلمون يدركون حقيقة الحضارة الغربية وما تحمله من سلبيات وثمرات فاسدة، بدأ الوعي يدب في صفوفهم ويدركون قيمة هذا الدين، وأنه لا سعادة للإنسان في هذه الحياة بدون الالتزام بعقيدة وتوجيهات عظيمة من الله عز وجل.

وحدة القيادة
هذا أمر مهم، فللمسلمين قيادة واحدة على مدار الزمن واختلاف المكان وتعدد المذاهب.

وكل قيادة سواها إنما تستمد شرعيتها من متابعتها لهذه القيادة والالتزام بمنهجها والسير على طريقها. هذه حقيقة يقوى وضوحها في أذهان المسلمين كلما صفت العقيدة وقوي الإيمان.

وقد قررها الله عز وجل في كتابه وأكدها في مواطن كثيرة، قال تعالى : [ يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً ].

وقال عز وجل محذراً: [ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً ].

وقال تعالى موضحا لنا بأنه من اي شخص نأخذ تعاليمنا : [وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا].

كما اشارة الى وحدة التشريع؛ فمن الأسباب الرئيسة لتمزق الأمة الإسلامية تعدد التشريعات وتنوعها، وهي تشريعات لا صلة لها بها ولا علاقة لها بدينها بل هي مضادة لدينها ومحاربة لعقيدتها. فوقعت الفجوة باسم التشريعات والواقع وبين القيادات والشعوب، بل بين القيادات أنفسها.

فانعكست تلك الخلافات على الامة الاسلامية وما لم يوحد التشريع الذي يحكم الأمة فيكون تشريعا مستمدا من دينها القويم، فإن كل محاولة لوحدة الامة او لجمع شتاتها فانها محاولة فاشلة.

حيث انه ليس هناك مكان لتشريعات اخرى في المجتمع الاسلامي، وليس لاحد من البشر حق وضع التشريع بحكم الحياة بالمجتمع الاسلامي؛ فالحق لله عز وجل وحده، وليس لأحد من خلقه أن يتلقى تشريعاته من غير الله. تعالى.

قال سبحانه : [وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم].

فالنفس البشرية ذات طبيعة معقدة معرفة ضوابط اصلاحها، اي معرفة ضوابط الاصلاح او اسباب فسادها؛ امر لا يعلمه الا الله عز وجل وقد اعترف وضروري ان يكون التشريع مناسبا ويكون تشريعا واحدا لا غيره هو التشريع الاسلامي وضروري لان الامه لا تجتمع تشريعاتها مختلفه اذ للتشريع اثرا في حياه الانسان. في مفاهيمه وفي تصوراته وموازينه؛ فلا بد من وحده التشريع لتتحد مفاهيمه وتصوراته وموازنه ومن ثم تتحقق له وحدته المنشوده والله ولي التوفيق.

وصايا الرسول (ص)
من أهم وصايا الرسول الأكرم (صلى الله عليه واله وسلم) في وحدة الأمة التمسك بالأخوة الإيمانية، وعدم التباغض أو التحاسد، والتعاون على البر والتقوى، وحسن معاملة الجار، بالإضافة إلى الوصايا التي تؤكد على المساواة والعدل بين المسلمين، وحرمة اموالهم واعراضهم، وهناك وصايا عامة للرسول (ص) تؤكد على المساواة والاخوة وعلى ان المؤمنين اخوة.

وكذلك حرمة الدماء والاعراض اي دماء المسلمين واعراضهم مشبه اياها بحرمة يوم عرفة في شهرهم وبلدهم هو البلد الحرام، وتجنب الخلافات ونهى عن التباغض والتحاسد، وامر ان يكون عباد الله اخوانا.

وهناك وصايا خاصة في التعامل مع الاخرين :-
اولا حقوق الجار؛ وقد اوصى رسول الله محمد بن عبد الله (ص) باحسان الى الجيران وان يكثر المسلم من مرقته لتتسع لجيرانه وهذه ابسط الاحوال في التعامل الطيب المبارك مع الجار والتعامل مع الاقارب وحث على صله الرحم ولو قطعوه التعامل مع الفقراء امر بحب المساكين والدنو منهم وان ينظر احدنا الى من هو دونه ولا ينظر الى من هو فوقه.

 كما تجدر الاشارة الى وصايا الرسول صلى الله عليه وعلى اله وسلم وهي تتعلق بالسلوك الشخصي؛
اولا : الصدق والحق، فقد حث (ص) على قول الحق ولو كان مرّا، وضرورة قول الحق وعدم الخوف في لومه لائم.

ثانيا :  العفو والاحسان، حيث اوصى الرسول صلى الله عليه وعلى اله وسلم بالعفو عن من ظلمه، وصلة لمن قطعه والاعطاء لمن حرمه.

هذه من مكارم اخلاقه صلى الله عليه وعلى اله وسلم فلا بد ان نتمسك بها.

الاعتصام بالله تعالى
الاعتصام بحبل الله يعني التمسك بالله سبحانه وتعالى، واللجوء إليه في جميع أمور الحياة. وهو يعني الاستجارة والاستعانة والتوكل عليه وهو ايضا يعني الاستمساك بحبل الله المتمثل بكتابه وسنة نبيه المصطفى صلى الله عليه وعلى اله وسلم، والامتناع به عن الشر والمعاصي؛ فالحماية الحقيقية من الشرور والمعاصي، هي سبب النجاة في الدنيا والآخرة.

اهمية الاعتصام بالله
– النجاة من الهلاك والاعتصام يمثل سببا ملازما للنجاة من الهلاك؛ فالمؤمن الذي يعتصم بالله ينج من شرور الدنيا والاخرة،
– الحماية والتحصن، فان الله هو الحامي وهو المانع من اي ضرر او سوء وهو الطريق إلى الرشاد والسداد، وفيه تحصيل الهداية الإلهية لابن آدم.

 وان الصلاة والزكاة والعبادات الجامعة هي من صميم الاعتصام بالله، وأن الأمة لا يمكن أن تحقق وحدتها إلا بالتمسك بحبل الله المتين.

دعوة للوحدة بين المسلمين
وختم الشيخ عامر البياتي حواره مع وكالة أنباء التقريب بالتأكيد على، أن “وحدة الأمة الإسلامية، سنة وشيعة، لا تتحقق إلا بالعمل بكتاب الله وسنة رسوله (ص)، وإقامة القوانين عليهما؛ فهذا هو المقصد والهدف العظيم، والله تبارك وتعالى يعيننا على ذلك.

نوشته های مرتبط

منشورات ذات صلة

Related posts

Leave a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Scroll to Top