الشيخ جعيد : ايران لا تنتج السلاح النووي انطلاقا من فتوى “القائد” وليس الضغوط والعقوبات

جاء ذلك في حوار خاص اجرته مع وکاله انباء التقریب الشيخ الدكتور جعيد، الذي حلّ ضيفا على الجمهورية الاسلامية الايرانية لحضور اعمال المؤتمر الدولي التاسع والثلاثين للوحدة الاسلامية (خلال الفترة من 8 الى 10 ايلول / سبتمبر 2025م).

واذ هنأ في مستهل الحوار، لمناسبة حلول اسبوع الوحدة ومرور 1500 عام على المولد النبوي الشريف، لفت هذا العالم الاسلامي البارز في لبنان، الى ان هذه المناسبة العظيمة تأتي “في ظل تحديات كبرى تحيط بالأمة العربية والإسلامية، بل بكل العالم وليس فقط أمتنا، ومنها هذا التغوّل الأمريكي في العالم، وهذا الجلف والصلف، وهذا الاستكبار الذي كان قد أشار اليه الإمام الخميني قدّس الله سره منذ بدايات الثورة الاسلامية حين وصف امريكا بـ “الشيطان الأكبر”، واعتبر أن المعركة هي معركة بين المستكبرين والمستضعفين.

واضاف : اليوم نرى قمة الاستكبار في شخصية الرئيس الامريكي ترامب الذي يتعامل مع كل العالم وكأنه نمرود، الذي كان يقول “أنا ربكم الأعلى”؛ لافتا الى ان السنن الإلهية تقول بانه لا بد أن ينكسر الظلم، وأن يقع هذا الجبروت الأمريكي الذي يتجلّى في المجازر بغزة اليوم.

وتابع الشيخ جعيد : نحن اليوم أنهينا تقريبًا العام الثاني وسندخل في العام الثالث من الظلم والإبادة والمحرقة الجماعية في غزة؛ ومهما سعينا فلا تساعدنا لا اللغة العربية، مع أنها من أوسع اللغات التي بها معانٍ ومفردات، ولا توجد لغة تعبّر عمّا يحصل اليوم في هذا القطاع من قتل لأطفالها ونسائها، وتشريد وتجويع وإبادة ومحرقة.. ورغم كل ذلك، للأسف نرى بأن الأمة نائمة ودخلت في سبات عميق.

وقال : هنا لا بد أن نستذكر حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، [يُوشِكُ أن تَدَاعَى عليكم الأممُ من كلِّ أُفُقٍ ، كما تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إلى قَصْعَتِها ، قيل : يا رسولَ اللهِ ! فمِن قِلَّةٍ يَوْمَئِذٍ ؟ قال لا ، ولكنكم غُثاءٌ كغُثاءِ السَّيْلِ ، يُجْعَلُ الْوَهَنُ في قلوبِكم ، ويُنْزَعُ الرُّعْبُ من قلوبِ عَدُوِّكم ؛ لِحُبِّكُمُ الدنيا وكَرَاهِيَتِكُم الموتَ].

واكد بانه من مجموع نحو ملياري انسان مسلم في العالم، فقد هناك القليلة المتجسدة اليوم بمحور المقاومة، من فلسطين إلى لبنان وسوريا، العراق، واليمن، ورأس هذا المحور وعموده الفقري الجمهورية الإسلامية في ايران، تبنت المواجهة والدفاع عن كيان الامة.
واردف، “نحن لا نقاتل أمريكا فقط، بل نقاتل امريكا والغرب وكل الشياطين في هذه الدنيا، وإسرائيل هي الابن المدلل لكل هذا الغرب، والذي يتلقى كل أنواع الدعم بالسلاح والمعدات لاقتراف هذا الإجرام، وأهم من هذا كله التغطية في الامم المتحدة وما يسمى مؤسسات حقوق الإنسان، على المجازر التي يرتكبها بحق الأطفال والنساء والأبرياء والشيوخ في قطاع غزة اليوم، وايضا ما جرى قبل تقريبًا عام في لبنان، حيث الحرب الوحشية التي استمرت لأكثر من شهرين وعشرة أيام.

ومضى المنسق العام لجبهة العمل الاسلامي في لبنان الى القول : ثم رأينا العدوانية المستعرة على الجمهورية الإسلامية، قبل أشهر قليلة والتي استغرقت 12 يومًا، تعرضت خلالها ايران لاقسى الهجمات، وكل ذلك لأن الجمهورية الإسلامية وقفت إلى جانب الحق؛ مؤكدا بان العدو افتعل ذرائع واسبابا واهية، كاذبة، وخادعة، لتوريط ايران في هذه الحرب.. “انا اتحدث عن السلاح النووي الذي يأخذونه ذريعة للعدوان على ايران وهي لم ولن تملك مثل هذا السلاح، بسبب أن الإمام الخامنئي يرى بأن هذه وسيلة للقتل الجماعي، وهي محرّمة شرعًا”.

ولفت الى ان الاعداء “أرادوا من خلال هذه الحرب، قتل القيادات المهمة في الجمهورية الإسلامية الإيرانية لتضعيف محور المقاومة، ولكن حصل شيء آخر، وهو  ان ايران كسرت الهيمنة “الإسرائيلية” في العالم.

وعودة الى الحرب الوحشية وجرائم الابادة التي يرتكبها الكيان الصهيوني في قطاع غزة، ذكر الشيخ جعيد حديثا (كثير التداول) عن النبي محمد (ص) بان [مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى]؛ وتساءل : هل نحن مهمومون على غزة ومرضها؟! وهل نحن نسهر من أجل إنقاذها؟! وهل نحن جوعى مع جوع غزة؟! وهل نحن نعيش الألم حقيقة كما يعيشه الأطفال الذين يقفون عراة حفاة، يحملون طبقًا، في طوابير بالمئات وبالآلاف ليحصلوا على حفنة من الرز؟! نحن رأينا كل هذا.

وتابع قائلا : المسألة لم تعد مسألة انتماء ديني، ولا مسألة انتماء مذهبي أو طائفي، وباعتقادي إن المسألة أصبحت مسألة إنسانية، أبعد من مسألة الدين، ومسألة العرق، ومسألة الدولة.. فهل نحن نقف إلى جانب الإنسان أم ضد الإنسان؟!

وقال هذا الداعية الاسلامي البارز في لبنان : إن الذين يخرجون الآن في إسبانيا، أمريكا، لندن، وفي كل هذه الدول العالمية لنصرة غزة وأهلها، هؤلاء الذين يأتون من أصقاع الأرض في أسطول الحرية ليكسروا الحصار عن شعبنا المظلوم في القطاع، أوَليسوا في الدنيا هم أفضل من هؤلاء الذين ينطقون بلغتنا ويتعبدون بديننا ويضعون في بيوتهم القرآن الكريم، يصلون الجماعة يوميا ولكنهم لا يعني لهم ما يحدث اليوم في غزة، ةلا يعني لهم ما يحدث في كل بقاع العالم، لكل المسلمين، ولكل المستضعفين، وكل المظلومين؟!

وتابع : لكن حين نرى هؤلاء الذين يتغلبون على المشاقّ الصعبة ويأتون رغم كل المخاطر والتهديدات ليكسروا الحصار عن غزة، هم الذين أشار إليهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، [إنهم نظير لكِ في الخلق]، والأخوة في الإنسانية، وقد تنفع الأخوة في الإنسانية أكثر مما ينفع اليوم من يقول “أنا أخوك في الإسلام أو في العروبة أو…” فنجدهم وللاسف يرون الظلم وما يحصل من مجازر في بلاد الاسلام ويمرون عنه مر الكرام.

وتطرق الشيخ جعيد، في السياق ذاته، الى الوضع الراهن في لبنان والضجيج الإعلامي والضغط الكبير الذي تمارسه أمريكا والمجتمع الدولي من أجل تجريد لبنان من قوته ومن قدرته بإنهاء المقاومة وتجريدها من سلاحها؛ مؤكدا بان “هذه المقاومة هي التي دافعت عن الأرض والعِرض، ودافعت عن الإنسان في لبنان، ولم تفرق بين السني والشيعي والمسيحي والدّرزي، لكنها تتعرض الى هذا الكم من التآمر والضغوط من بعض الأنظمة العربية، التي تبعث الوفود إلى لبنان لتمارس ضغطًا أكثر مما يمارسه الأمريكي على الحكومة اللبنانية.

واردف المنسق العام لـ”جبهة العمل الإسلامي” في لبنان : للأسف، هذه الأنظمة والدول تريد نزع هذا السلاح والقوة كرمًا لعيون “إسرائيل”، مع أن “نتنياهو” خرج قبل أيام ليرفع خريطة “إسرائيل الكبرى”، ومن نظر إلى هذه الخريطة يرى بأنها أكبر بكثير من خريطة “إسرائيل الكبرى” التي يتحدث عنها اليهود في التوراة؛ موضحا ان “جزءا من خريطة نتنياهو يعني المملكة العربية السعودية لم تدخل في إسرائيل الكبرى التوراتيه، بل وهناك تقارير تتحدث مطالبات مالية يحضر لها الكيان الصهيوني ليعرضها على السعودية لقاء “غزوة خيبر” و”بني قينقاع” وكل اليهود الذين كانوا في الجزيرة العربية وتآمروا على النبي صلى الله عليه واله وسلم فأخرجهم.

ولفت الى القول : ان الذي دفع 450 مليار دولار في المرحلة الأولى الى ترامب في المرحلة الاولى من حكمه، ثم يدفع للاخير 2000 مليار دولار في الدورة الحالية، نعم، قد يدفع لليهود ما يريدون، ولكن هل ستبقى مصر والأردن بمنأى عن الأطماع الصهيونية؟! بينما اعلن نتنياهو بأنه سيضمهما؟! وهل ستبقى السعودية؟! وهل ستبقى الإمارات التي لم تتوان في اصدار بيانات ادانة ضد عمليات المقاومة الفلسطينية في غزة؟! مردفا ان “العجيب الغريب هو أن الشعب والحكومة في الامارات مثلًا تعلن انتماءها للإسلام، بينما يعلمون بان الصهاينة ونتنياهو، وكل من يسكن في الكيان الصهيوني من أبناء هؤلاء، يعلن أنه يريد تدمير المسجد الأقصى، أولى القبلتين وثالث الحرمين؛ متسائلا : أليس الاقصى مقدّسًا عندنا نحن المسلمين؟! كيف تقبل هذه الحكومة والشعب الإماراتي عدم الدفاع عن المسجد الأقصى؟!

وخلص الشيخ جعيد الى القول : أهل غزة، أهل الضفة، أهل القدس، أهل فلسطين، يدافعون عن كرامة الأمة برمتها، ويدافعون عن القرآن.. وهذا الدفاع الذي يقوم به محور المقاومة ليس دفاعًا إسلاميًا، وليس دفاعًا مذهبيًا فحسب، انما هو دفاع إنساني، هو دفاع عن كل حر، وعن كل صاحب حق في هذا الكون؛ مستدلا بغزوة “الاحزاب” حين خرج “عمرو بن عبد ود العامري” ونادى “هل من مبارز ؟” فلم يجبه أحد من المسلمين، فقال علي (عليه السلام) : [أنا له يا رسول الله]، والقول المشهور لرسول الله (ص) لمّا خرج علي بن أبي طالب عليه السلام إلى قتال عمرو بن ود العامري : [اليوم خرج الإيمان كله إلى الكفر كله]، لافتا الى ان “اليوم كل الظلمة المستكبرين خرجوا، وخرج لهم أصحاب الحق وأصحاب الكرامة وأصحاب محور المقاومة”.

نوشته های مرتبط

منشورات ذات صلة

Related posts

Leave a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Scroll to Top