لقد أصبح السيد حسن نصرالله (رض) خلال أكثر من عقدين من قيادته لحزب الله، رمزًا للمقاومة وقائدًا كاريزميًا. لم يقتصر تأثيره على لبنان فحسب، بل كان له نفوذ كبير على الصعيدين الإقليمي والدولي. ومن المؤكد أن المحللين السياسيين والعسكريين لا يزالون يدرسون تأثيره الاستراتيجي وحضوره غير المباشر في المعادلات الداخلية والإقليمية.
السيد حسن نصرالله لطالما شكل حلقة الوصل بين جماعات المقاومة في لبنان وفلسطين والعراق واليمن. أثار استشهاده في البداية مخاوف من فقدان هذا التنسيق، لكن إرثه الاستراتيجي ساعد محور المقاومة على إعادة تعريف مساره والحفاظ على تماسكه. أعادت فصائل وتيارات المقاومة بناء هيكل القيادة والتنسيق، وعززت تكتيكاتها واستراتيجياتها العسكرية لمواجهة الضغوط والتهديدات الإقليمية. ومن دون شك، دفع استشهاد نصرالله هؤلاء المقاومين الى تعزيز قدرتهم على الاخذ بيد المبادرة وتعريف مكانتهم بشكل أكثر استقلالية.
وفي لبنان، واجه حزب الله تحديات بعد فقدان قائده الكاريزمي، لكن الشبكة التنظيمية والهيكلية التي أنشأها نصرالله مكنته من الحفاظ على موقعه. حاولت القوى السياسية الداخلية، بما في ذلك الأحزاب المنافسة والجماعات المستقلة، الاستفادة من فراغ القيادة لتعزيز نفوذها، لكن حزب الله استطاع تثبيت موقعه السياسي، مما جعل المشهد السياسي اللبناني أكثر تعقيدًا وحساسية.
وامتد تأثير السيد حسن نصرالله إلى ما وراء لبنان. فلا تزال قضايا فلسطين وسوريا والعراق والمنافسات الإقليمية متأثرة باستراتيجياته وحضوره غير المباشر. لقد عزز سيد شهداء الامة محور المقاومة بتنسيقه التكتيكي والاستراتيجي من خلال إعادة تعريف دور القادة المحليين، ما دفع القوى الإقليمية والدولية لإعادة تقييم استراتيجياتها تجاه هذا المحور.
ومن المؤكد أن العديد من صناع القرار الإقليميين والدوليين لا يزالون يأخذون في الاعتبار تأثير قراراته واستراتيجياته، لأنه تمكن من تغيير ميزان القوى لصالح محور المقاومة.
على الرغم من أن استشهاده أثار مخاوف بشأن استقرار لبنان الأمني وحدوده الجنوبية، فإن محور المقاومة استطاع الحفاظ على ردود فعل منسقة. ولا تزال قدرة حزب الله وحلفائه على الردع قائمة، ما يجعل الأعداء الإقليميين مثل “إسرائيل” والجماعات التابعة لها يتحركون بحذر أكبر. كما أن تأثير نصرالله على المجتمع وقاعدة حزب الله الشعبية لا يزال قائمًا، مما يساهم في الحفاظ على التماسك السياسي والاجتماعي.
لذلك، من المؤكد أن قوة ونفوذ السيد حسن نصرالله الاستراتيجي ضمنت استمرار محور المقاومة في مساره. لم يكن استشهاده نهاية تأثيره، بل أعاد تعريف دور القادة الجدد والتنسيقات الجديدة.
وقد تمكن محور المقاومة من الحفاظ على مساره في مواجهة الضغوط الإقليمية والمحلية، مستندًا إلى استراتيجياته والشبكات التي أسسها الشهيد نصرالله. ولا يزال حضوره، بشكل “ظل القوة”، محسوسًا في القرارات السياسية والأمنية في لبنان والمنطقة.
لقد أثبت الشهيد السيد حسن نصرالله (رض) بأن القائد الكاريزمي يمكن أن يترك تأثيرًا دائمًا يتجاوز الحدود الجغرافية، وأنه حتى بعد استشهاده يمكنه توجيه محور السياسة والأمن.