في هذه الندوة، أشار الدكتور أحمد كريمي جهرمي، أستاذ مشارك وعضو هيئة التدريس في قسم الكلام الإسلامي بجامعة القرآن والحديث، إلى أن قيام الإمام الحسين (ع) رغم عدم تأسيس حكومة ظاهرية، شكّل نموذجًا للحكم المثالي الذي أرسى قاعدة حضارية مستدامة، موضحًا أن استمرار هذا الحكم على مر التاريخ يعكس تشكّل حضارة دينية متكاملة حول النهضة الحسينية.
وأوضح الدكتور كريمي جهرمي الفرق بين «الحكومة» و«الحكم»، مشيرًا إلى أن الحكومة تقتصر على ممارسة السلطة عبر المؤسسات الرسمية، بينما يمتد مفهوم الحكم ليشمل التقاليد، والعلاقات المدنية، والكاريزما الروحية. ومن هذا المنطلق، يُعد الحكم الحسيني توجيهًا اجتماعيًا وروحيًا عابراً للتاريخ، يتميز بالدوام والاستمرارية.
ركز المحاضر على ثلاثة محاور رئيسية:
- العوامل الحضارية التي ساهمت في نهضة الإمام الحسين (ع).
- آليات عمل الحكم الحسيني.
- المكونات الأساسية لهذا الحكم.
واستند إلى رؤية الشهيد مطهري، مشيرًا إلى أن العدالة الاجتماعية، والتقوى والطهارة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والوحدة والتماسك الاجتماعي تمثل أبرز عوامل بناء الحضارة في النهضة الحسينية، مؤكدًا أن الإمام الحسين (ع) أشار إلى هذه المبادئ في وصيته إلى محمد بن حنفية.
وأفاد بأن آليات الحكم الحسيني شملت:
- إحياء مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
- الخيرية والرحمة تجاه الناس.
- الإيثار والتضحية في سبيل الله.
- الالتزام بـ العدل وحقوق الإنسان حتى تجاه الأعداء.
- حماية الناس والدفاع عن حقوقهم.
- الشفافية في اتخاذ القرار وبيان الحقائق للمجتمع.
- تعزيز التماسك الاجتماعي ووحدة الصفوف.
كما بين أن مكونات الحكم الحسيني تتضمن:
- الشرعية الإلهية مع القبول الشعبي.
- الحكم الرعوي الذي يراعي مصالح وسعادة الناس.
- الحكم المعرفي القائم على التوعية لا على الإجبار.
- الحكم المنقذ الذي يهدف إلى تحرير الإنسان من الجهل والضلال.
- الإرادة الشعبية من خلال منح الناس حرية الاختيار، كما في ليلة عاشوراء.
- الاستمرارية بفضل الارتباط بالحكم الإلهي.
واختتم الدكتور كريمي جهرمي حديثه بالتأكيد على أن نهضة الإمام الحسين (ع) تمثل نموذجًا للحكم الحضاري المستدام، القائم على العدالة والتقوى والأمر بالمعروف والوحدة الاجتماعية، والذي ظل تأثيره مستمرًا حتى يومنا هذا.
