كنا نأمل أن تتسارع الدول العربية والإسلامية لعقد أكثر من قمة قبل هذا التاريخ، واتخاذ خطوات عملية لردع الكيان الإسرائيلي المدعوم أمريكيًا، ومنعه من التمادي في طغيانه.
العدوان الإسرائيلي الأخير استهدف ست دول عربية خلال 72 ساعة فقط، وهي فلسطين وقطر ولبنان وسوريا وتونس واليمن، وأسفر عن استشهاد أكثر من 40 يمنياً في غارات على اليمن بعد يوم واحد من قصف الدوحة.
قطر ليست بمعزل عن العدوان
قد يرى البعض أن العدوان على قطر لا يمكن مقارنته بالعدوان على الدول الأخرى، نظرًا إلى أن قطر تُعد “حليفًا” استراتيجيًا للولايات المتحدة، وتربطها بها علاقات اقتصادية وسياسية وأمنية وعسكرية متميزة، بالإضافة إلى احتضانها أكبر قاعدة أمريكية في الشرق الأوسط، وهي قاعدة العديد، وجهودها منذ عامين في الوساطة لوقف الحرب في غزة.
إلا أن هذه النظرة مبنية على جهل بالطبيعة التوسعية والإرهابية والعنصرية للكيان الإسرائيلي، وبالعلاقة الشاذة التي تربطه بأمريكا، التي تعتبر تل ابيب قاعدة متقدمة لها في قلب العالم الإسلامي. ولا يمكن مقارنة هذا الكيان بباقي دول المنطقة، مهما حاولت هذه الدول الاقتراب من أمريكا عبر الاستثمار فيها أو إنشاء قواعد عسكرية، وحتى التطبيع مع الكيان الاسرئيلي، إذ أن هدف الكيان هو التوسع وتحقيق حلم الصهيونية والمسيحية المتصهينة بإقامة “إسرائيل الكبرى” في قلب الشرق الأوسط.
استعراض القوة الإسرائيلي ورسالة التحذير
نتمنى أن يبعد العدوان الإسرائيلي على قطر، بضوء أخضر أمريكي، الغشاوة التي ما تزال تحجب بعض العيون عن رؤية حقيقة ما يحدث في المنطقة. فقد وصف أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، السيد علي لاريجاني، العدوان بأنه استعراض قوة من قبل الكيان الصهيوني ومؤشر على هيمنته المستقبلية على دول المنطقة، وقال على منصة “إكس”: “إن رسالة الجريمة الأخيرة للكيان الصهيوني في قطر هي: يا دول المنطقة! جهزوا أنفسكم لهيمنتي القادمة!”
العدوان على قطر دق ناقوس الخطر في عواصم الدول التي كانت تعتقد أنها محمية بالتحالف مع أمريكا، فإذا بأقرب حليف خارج الناتو، وهو قطر، يتعرض لهجوم بعشر طائرات دون اعتراض أنظمة الدفاع الجوي الأمريكية في قاعدة العديد، مما يثير قلقًا مبررًا من احتمال تعرض هذه الدول لاعتداءات مماثلة دون ذريعة، بعد أن اتضح لها أن أمريكا شريك أمني غير موثوق.
الدور الأمريكي والتهديدات المستقبلية
أكد البيان الصادر عن البيت الأبيض وتعليقات ترامب، بالإضافة إلى بيان مجلس الأمن الدولي، أن أمريكا شريك مباشر في العدوان، وبدونها لم يكن نتنياهو ليغامر بالهجوم على قطر. ولافت أن بعد المواقف الأمريكية، كرر نتنياهو ووزير حربه كاتس تهديداتهما لقطر وكل دول المنطقة التي تستضيف ممثلين عن حماس، حتى لو كان ذلك بغرض التفاوض على وقف الإبادة في غزة، مما يوضح أن مواقف الإدارة الأمريكية كانت استعراضية أكثر منها فعلية، وتركزت على فشل الهجوم لا منع وقوعه.
كما رفضت أمريكا إدراج اسم “إسرائيل” كمعتدي في البيان الصحفي الباهت لمجلس الأمن، وهو ما قد يشجع الكيان الإسرائيلي على تكرار جرائمه ومواصلة عربدته في المنطقة.
دعوة إلى خطوات عملية للقمة القادمة
هذه الحقائق يجب أن تشكل ضغطًا على الدول الإسلامية والعربية، المناهضة للكيان الإسرائيلي، المطبعة معه، والمحايدة أيضًا، لاستغلال فرصة العدوان على قطر، والخروج بنتائج عملية من اجتماع القمة يوم الاثنين المقبل. وأكد علي لاريجاني أن أقل هذه النتائج يجب أن يكون تشكيل غرفة عمليات مشتركة للحكومات الإسلامية لوقف جنون الكيان الإسرائيلي، فأي قرار أقل من ذلك يساوي في الحقيقة إصدار أمر جديد بالاعتداء لصالح إسرائيل. وختم لاريجاني منشوره مخاطبًا رؤساء الحكومات الإسلامية: “ولأنكم لم تفعلوا شيئًا من أجل المسلمين الجياع والمظلومين في فلسطين، فاتخذوا على الأقل قرارًا متواضعًا لتجنب فنائكم أنتم!”