عرفت منطقة شرق آسيا ـ هونغ كونغ من دولها ـ الإسلام في القرن الهجري الأول ـ القرن السادس الميلادي( عام 578 م) ـ عن طريق التجار العرب الذين وصلوا إلى جنوب شرقي الصين أيضاً في نفس الفترة .
وعلى امتداد القرون المتتالية، توالت هجرات المسلمين إلى تلك المنطقة من جزر الهند الشرقية والملايو. ولا يمكن فصل تاريخ الإسلام في جنوب الصين عن تاريخه في هونغ كونغ.
فقد كانت هونغ كونغ ملجأً للمسلمين الصينيين خلال الأحداث التي جرت داخل الصين، وهاجر إليها كثير من المسلمين إبان الانتفاضة الشيوعية في الصين عام 1946م ولم تغلق الحدود بينها وبين الصين الشعبية حتى عام 1950م، وغني عن البيان فقد كانت الصين صاحبة نفوذ تاريخي وثقافي ممتد في المنطقة بصفتها أكبر وأقوى الإمبراطوريات التي عرفها شرق آسيا.
وفي منتصف القرن 19م تجدد وصول الدين الإسلامي إلي تلك المنطقة -بعد أن كاد أن يتوارى- مع وصول شركة الهند الشرقية البريطانية التي جلبت المجموعة الأولى من المسلمين إلى هونغ كونغ.
ومع اندلاع حرب الأفيون الإولي عام 1839 م بين الصين وبريطانيا بسبب محاولة الصين الحد من زراعة الأفيون واستيراده، فتصدت لها بريطانيا بسبب الأرباح الكبيرة التي كانت تجنيها بريطانيا من تجارة الأفيون في الصين، وكان من نتائج هذه الحرب أن أصبحت هونغ كونغ مستعمرة بريطانية.
اقول انه مع اندلاع تلك الحرب هاجرت موجات من مسلمي مقاطعة قوانغدونغ (جنوب الصين) إلى هونغ كونغ، وفي تلك الأثناء أخذ المجتمع الإسلامي في التنامي والتطور ، ففي أقدم إحصائية عام 1871 م كان عدد المسلمين في هونغ كونغ 151 مسلماً ، بينما في إحصاء عام 1911م ارتفع تعداد المسلمين فيها إلى 1779 مسلماً (وبعد الحرب العالمية الثانية ( 1/9/ 1939 م – 2/9/1945م ) جلب البريطانيون عمالًا من الهند وإندونيسيا، وكان بينهم مسلمون، ومع نهاية القرن العشرين شهد عدد المسلمين تزايداً بسبب استمرار هجرتهم إليها.

أما عن تحديد نسبتهم بين السكان اليوم، فيتكررفي غالبية المصادر أن نسبتهم تتراوح بين 4.1٪ أو 4.2% من اجمالي السكان (حوالي 300.000 مسلم) من بينهم 30,000 مسلم صيني، بينهم 50 ألف مسلم صيني، و150 ألف إندونيسي، و30 ألف باكستاني، وغيرهم من جنسيات أخرى، مع ملاحظة أن الغالبية العظمى منهم من أهل السنة والجماعة.
وفي مقابل هذا العدد للمسلمين هناك 54.7% للملحدين واللادينيين، و14.9% للنصارى، و13.3% للبوذيين، و13% للديانات الشعبية والقديمة (وفق مركز بيو للإحصاء)، وبالمجمل فإن أكثر من نصف سكان هونغ كونغ لا يقرون بانتمائهم إلى أي دين، إذ يعتنقون ما تسمى ” مذاهب الإلحاد واللاأدرية”.
مساجد ومؤسسات إسلامية
يوجد في هونغ كونغ خمسة مساجد: أكبرها مسجد “كاولون” الموجود في منطقة كاولون وهي منطقة حضرية مكتظة بالسكان ، ويوجد فيه مقرالمركز الإسلامي، و يتسع لـ 3500 شخص، وهو واحد من المعالم الإسلامية البارزة ويتميز بمآذنه الأربعة الشامخة على ارتفاع 11 متراً، ما يجعله تحفة فنية، كما يتميز هيكل المسجد بالرخام الأبيض على الأرضيات والواجهة، ويضم هذا الموقع الثقافي البارز المفتوح للجميع ثلاث قاعات للصلاة ومدرسة وقاعة اجتماعية تستخدم من قبل المنظمات الإسلامية لإقامة الفعاليات في المناسبات الخاصة.
وقد أنشأه قديماً الجنود المسلمون الذين كانوا متمركزين في هذه المنطقة، والتي تعرف حالياً باسم حديقة كاولون. ويعمل مفتي هونغ كونغ الشيخ محمد أرشد إماماً وخطيباً لهذا المسجد.

أما أقدم المساجد وأعرقها في هونغ كونغ فهو مسجد “جاميا ” الذي تم بناؤه في أربعينيات القرن التاسع عشر، ثم أعيد بناؤه عام 1915.
ومازال المسلمون في هونغ كونغ في حاجة إلى مزيد من المساجد ، إذ يضطر كثير منهم للصلاة في أماكن مؤقتة بسبب قلة أعداد المساجد.
صعوبات الاندماج الاجتماعي
لا يعد الحصول علي الطعام الحلال مشكلة للمسلمين بفضل وجود أكثر من 70 مطعماً حاصلاً على شهادة الحلال،. ومن بينهم مطعم” إسلام “الذي تم انشاؤه في خمسينيات القرن الماضي وحصل على العديد من الجوائز المحلية في مجال الطعام، ذلك بالإضافة إلى مجموعة كبيرة ومتنوعة من أطباق الحلوى المميزة.
لكن المسلمين يواجهون مشكلتين رئيستين هما :عقبات في التعليم وصعوبات في الاندماج الاجتماعي، حيث لا يزال لدى العديد من الطلاب المسلمين غير الصينيين خيارات محدودة من المدارس، وكذلك من المهن، كما تشير الصعوبات في الاندماج الاجتماعي إلى أن عامة الناس في هونغ كونغ ليس لديهم الكثير من الوعي بالإسلام، لكن مع زيادة التغطيات الإعلامية في التعريف بالإسلام وأحوال المسلمين، تغيرت النظرة العامة الإيجابية للمسلمين في هونغ كونغ، مما أدى إلى ارتفاع نسبة دمجهم في المجتمع، وقد تم إدخال تحسين في صالح المسلمين على بعض المناهج.
وعلي سبيل المثال ما ورد في أحدث مناهج التاريخ المنقحة للمرحلة الثانوية أنه “من أجل توسيع وجهات نظر الطلاب العالمية وتعزيز فهمهم للثقافات الرئيسة الأخرى في العالم، تمت إضافة موضوعات جديدة عن الحضارات والتطور التاريخي للمناطق الأخرى، بما في ذلك الحضارة الإسلامية”، وهو ما يشيرإلى وجود جهود لتسهيل الاندماج الاجتماعي للمسلمين، وأن المسلمين في هونج كونج سيصبحون أكثر وضوحاً في مجتمعهم ان شاء الله.

المصدر: ترك برس











